لعشاق الفخامة.. التكنولوجيا تعيد تشكيل تجارب السفر للعملاء المميزين
يتطور عالم الرفاهية بإيقاع متسارع من أجل مواكبة المتطلبات المتغيرة باستمرار، وعلى مدى السنوات الأخيرة، أصبح جزءًا من هذا التطور يعني تبني التكنولوجيا الحديثة والاستفادة من أحدث الابتكارات لتقديم تجارب حصرية مخصصة، وينطبق هذا بشكل خاص على عالم السفر الفاخر، إذ أصبح دمج التقنيات المتطورة ركنًا في تلبية توقعات النخبة، التي تعطي الأولوية للسهولة قبل كل شيء، بينما يطالبون بخدمة بسيطة خالية من التوتر، خاصة عندما يتعلق الأمر بحجز عطلة فخمة في اللحظة الأخيرة.
وربما لذلك استثمرت شركات ووكالات السفر الفاخر كثيرًا في برامج وخوارزميات الذكاء الاصطناعي لتبسيط عمليات الحجز، وجعله أكثر كفاءة وتخصيصًا، من خلال تصميم التوصيات بناءً على التفضيلات الفردية.
والحقيقة أن الاتجاهات التكنولوجية الرائدة أصبحت تعيد تشكيل تجارب وصناعة السياحة والسفر، بينما توفر مستوى جديد تمامًا من الراحة والاتصال والتخصيص، إذ تلعب التكنولوجيا هنا دورًا حيويًّا في دعم الشركات في عملياتها اليومية، وتعزيز الارتقاء بتجربة العملاء بشكل عام.
وفي السطور التالية نلقي نظرة على بعض أهم هذه الاتجاهات، التي تعيد تشكيل تجارب السفر الفاخرة، كبطاقة eSIM الدولية وأكشاك الخدمة الذاتية وغيرها من التقنيات الأحدث التي توفر تجارب مثالية لعشاق السفر.
بطاقة eSIM والاتصالات الدولية
تعمل شريحة “eSIM”، وهي النظير الرقمي لبطاقات “SIM” التقليدية، بمثابة تعريف افتراضي لجهازك المحمول، ما يؤدي إلى إنشاء اتصال شبكة موثوق به أينما كنت في العالم، وهي قابلة للبرمجة عن بُعد من خلال البرامج، كما أنها مدمجة في الهواتف الذكية الحديثة بما في ذلك أجهزة iPhone بدءًا من XS، وأجهزة Google Pixel، وMotorola Razr 5G، وأجهزة Samsung Galaxy، كما توفر “eSIM” مرونة في إدارة خطة الهاتف والخدمة، ما يسمح للمستخدمين بإضافة خطط، أو دمج رقم جديد، أو حتى التبديل بين شركات اتصالات مختلفة.
وعندما يتعلق الأمر بالسفر الفاخر، يمكن أن تكون بطاقة “eSIM” الدولية وسيلة فعّالة للوصول إلى الإنترنت والتواصل مع الأصدقاء والعائلة في الوطن، بدلاً من تبديل بطاقات “SIM” الفعلية، كما كان عليك أن تفعل في الماضي، إذ تسمح الأجهزة التي تدعم “eSIM” للمسافرين بالاستمتاع بالوصول إلى التغطية المحلية، وتجنب رسوم تجوال البيانات الإضافية من شركات الاتصالات الأساسية الخاصة بهم، ومن ثم يمكنك الحصول على هذه الشريحة قبل الانطلاق في رحلتك لضمان سفر سلس وخالٍ من التوتر، واتصال دون انقطاع طوال الوقت.
فيما تبذل شركات الطيران الرائدة أيضًا كل ما في وسعها لرفع تجربة السفر على متن طائرتها إلى مستويات أعلى، من خلال الاستثمار في الاتصالات المتقدمة على متن الطائرة، لضمان أن المسافرين على متنها يمكنهم البقاء على اتصال في جميع الأوقات دون تكلفة إضافية، مع توافر الإنترنت عالي السرعة وأنظمة الترفيه، ما يسمح للمسافرين المميزين بالعمل أو الاسترخاء مع الاستمتاع براحة غير مسبوقة.
اقرأ أيضًا: جزيرة سيبو .. متعة بلا حدود وسط طبيعة خلابة لا تتكرر كثيرًا
الخدمات الذاتية والواقع الافتراضي
استطاعت شركات الضيافة والسفر منح عملائها إحساساً واقعياً باستكشاف الوجهة حتى قبل السفر
إليها – المصدر: Shutterstock
ربما تكون قد استخدمت كشك الخدمة الذاتية في المطار لطباعة بطاقة الصعود إلى الطائرة أو شراء تذاكر النقل العام، إذ تسمح هذه الأجهزة الإلكترونية المستقلة للمستخدمين بإكمال المهام البسيطة بأنفسهم، دون الحاجة إلى الوقوف في قائمة انتظار ، ما يوفر قدرًا كبيرًا من الوقت، ويجعل العملية برمتها سريعة وسهلة، وقد أصبحت هذه التقنيات تحظى بشعبية متزايدة لأنها بالإضافة إلى السهولة والراحة، تسمح بخدمات لا تلامسية تقلل من الاتصال البشري.
واعتمدت عديد من الفنادق الراقية على أكشاك الخدمة الذاتية لتبسيط عمليات تسجيل الوصول والمغادرة أيضًا، إذ تتصل هذه الأكشاك بنظام إدارة الممتلكات الخاص بالفندق من خلال واجهات التطبيقات، ومنها يمكن إكمال العملية في ثوانٍ، فكل ما عليك فعله هو مسح مستندات الهوية الخاصة بك والعثور على حجزك الخاص، ثم السماح للكشك بمعالجة الدفع وإنشاء بطاقة مفتاح لغرفتك، فيما يقدم البعض منها أيضًا معلومات عن المطاعم والمنتجعات الصحية وحمامات السباحة وخيارات مواقف السيارات المتوفرة في الفندق، مثلما تسمح بإجراء الحجوزات دون الحاجة إلى الاتصال بمكتب الاستقبال أو الكونسيرج “منصة تتيح للوكالات السياحية والفنادق بيع الحجوزات عبر الإنترنت من خلال التطبيق، وتمكن العملاء من حجز وتنظيم الرحلات السياحية بأفضل الأسعار”، وهو أمر يقدره عديد من العملاء المميزين.
كما استطاعت شركات الضيافة والسفر منح عملائها إحساسًا واقعيًّا باستكشاف الوجهة حتى قبل السفر إليها، من خلال استخدام الواقع الافتراضي “VR” ما يسمح للمسافرين الأكثر تميزًا بالبدء في رحلة افتراضية لاستكشاف أماكن الإقامة والوجهات، وحتى لاستكشاف غرف محددة قبل إجراء الحجز، وقد مكّنت هذه التجربة الغامرة المسافرين من اتخاذ قرارات أكثر استنارة، ما يضمن أن وجهتهم المختارة تتوافق تمامًا مع توقعاتهم، مثلما توفر كل عناصر الرفاهية، وهو الأمر الذي كان له تأثير إيجابي على رضا العملاء، وعلى توفير الوقت حتى أمام أكشاك الخدمات الذاتية، إذ أصبح كل ضيف يعرف تمامًا ماذا يريد.
اقرأ أيضًا: لعُشاق السفر والرفاهية.. كيف تضع ميزانية معقولة لرحلة فاخرة؟
الذكاء الاصطناعي والروبوتات
يلعب الذكاء الاصطناعي والروبوتات الآن دوراً محورياً في تقديم خدمات مخصصة للغاية للمسافرين –
المصدر: Shutterstock
أحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً في كل القطاعات تقريبًا خلال السنوات الأخيرة، ولم يكن السفر الفاخر بعيدًا عن ذلك، إذ يلعب الذكاء الاصطناعي الآن دورًا محوريًا في تقديم خدمات مخصصة للغاية للمسافرين على النمط الفاخر، وبشكل خاص في أرقى الفنادق التي تعتمد خدمات “الكونسيرج” فيها على الذكاء الاصطناعي، القادر على التعلم والتكيف مع التفضيلات الفردية، لضمان حصول الضيوف على توصيات مخصصة لتناول الطعام والأنشطة وحتى تفضيلات الغرف، ويعني هذا المستوى المذهل من التخصيص أن كل رحلة ستكون فريدة من نوعها.
كما يمكن لروبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي الاستجابة السريعة لكل الاستفسارات أو الأسئلة، بفضل استخدام نماذج مثل “ChatGPT”، ومن المرجح أن يصبح هؤلاء المساعدون الافتراضيون أكثر قدرة على المحادثة وحل المشكلات الأكثر تعقيدًا في المستقبل القريب، بينما تتولى الروبوتات مهام تشبه مهام “الكونسيرج”، وتذهب بعض الفنادق خطوة أخرى إلى الأمام لتستفيد منها في مهام مثل التنظيف والتعامل مع الأمتعة، أما في المطارات فيمكنهم التعرف على الحقائب المشبوهة، كما تستخدم بعض الشركات الروبوتات لصُنع أمتعة ذكية تتبعك في كل مكان، ومن ثم فإن احتمالات توظيف هذا الذكاء لا حصر لها.
بينما يتم استثمار البحث الصوتي كاتجاهٍ تقني آخر، احتل مكانته أخيرًا ليصبح جزءًا لا يتجزأ من تجربة العملاء المتطورة، ورغم أنه ليس جديدًا تمامًا إذ ظهر تقريبًا منذ أوائل عام 2010 في نماذج مختلفة مثل Siri، جنبًا إلى جنب مع المساعدين الصوتيين المشهورين الآخرين مثل Google Assistant وAmazon’s Alexa، فإننا نشهد الآن موجة جديدة من التطور، التي دفعت المسافرين لاستخدامه بشكل متزايد لانتقاء وحجز رحلات الطيران وغرف الفنادق الخاصة بهم.
بينما يعمل البحث والتحكم الصوتي على إحداث تحول في تجربة السفر الفعلية، يتكامل مع إنترنت الأشياء، إذ تتيح الأجهزة التي يتم التحكم فيها صوتيًّا داخل الغرف إدارة الإضاءة والتدفئة، أو الوصول إلى المعلومات السياحية دون الحاجة إلى التفاعل مع الموظفين، لتوفر إحساسًا أكبر بالسهولة والراحة، ما يسمح للمسافرين بالتحكم في بيئتهم وتخصيصها، إما عن بُعد وإمّا ببضع نقرات، تكملها باقي الاتجاهات التقنية التي تشكل تجربة السفر الأحدث في عالمنا، ومنها المدفوعات غير التلامسية عبر تقنيات الاتصال قريب المدى، إذ يمكن للمسافرين إجراء المعاملات المختلفة، بدءًا من شراء التذاكر إلى تسجيل الوصول ودفع التكاليف، وهي العملية التي تتبناها حاليًّا معظم شركات الطيران والفنادق وأنظمة النقل العام في جميع أنحاء العالم تقريبًا.
ولا يقتصر دور الدفع اللاتلامسي على تحسين سرعة المعاملات فحسب، بل يُسهم أيضًا في توفير بيئة سفر أكثر صحية وأمانًا، وكلاهما جاذب للعملاء المتميزين، كما رأينا وكالات سفر فاخرة تتدافع لتبني العملات المشفرة كطرق للدفع، من أجل مواكبة الطلب المتزايد من العملاء، ويبدو أن دمج تقنية “blockchain” في أنظمة الحجز، مع تعزيز الأمان والخصوصية وحماية البيانات، ستصنع مستقبلاً أكثر تطورًا للسفر الفاخر، بما يعيد تعريف الرفاهية، ويدخلنا عصرًا جديدًا تمامًا، حيث تكون السهولة والراحة دون المساس بالجودة أمرًا بالغ الأهمية، ومع تقدم التكنولوجيا يومًا بعد آخر، يمكننا توقع مزيد من الابتكارات التي ستجعل اكتشاف العالم والسفر أكثر متعة.